فصل: سنة ثلاث وستين وسبعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة ثلاث وستين وسبعمائة:

استهلت وسلطان الإسلام الملك المنصور صلاح الدين محمد بن المظفر حاجي ابن محمد بن قلاوون، ونائبه بدمشق الأمير علاء الدين المارداني.
وفي صفر منها قدم الأمير قاضي القضاة صدر الدين سليمان بن محمد الدميري على قضاء المالكية بحلب عوضاً عن ابن الرياحي.
وفيه ولي القاضي أمين الدين بن وهبان قضاء الحنفية بحماة.
وفيه توفي بدمشق الإمام علاء الدين علي بن محمد بن أحمد بن سعيد الأنصاري محتسب دمشق، ومدرس الأمنية. توفي عن بضع وأربعين سنة. ودرس بعده بالأمنية سيدنا قاضي القضاة شيخ الإسلام تاج الدين السبكي أيده الله. وأعيدت الحسبة إلى شيخنا عماد الدين بن الشيرجي.
ومات بالقاهرة قاضي القضاة تاج الدين محمد بن محمد بن أبي بكر بن الإخنائي المالكي قاضي المالكية وولي عوضها أخوه القاضي برهان الدين.
وفي شهر ربيع الأول صرف الصاحب تاج الدين عن نظر الدواوين بالشام. وولي الصاحب بدر الدين حسن بن النابلسي فدخل دمشق في ثاني عشرينه.
وفيه توفي بالقاهرة المحدث الإمام شمس الدين محمد بن علي بن عبد الواحد النقاش.
ومات بدمشق القاضي الرئيس النبيل أمين الدين أبو عبد الله التميمي الدمشقي بن القلانسي. ولد سنة إحدى وسبعمائة. وأجاز له الحافظ شرف الدين الدمياطي وعدة. وحدث عن إسماعيل بن مكتوم، وعيسى المطعم، وست الةوزراء وغيرهم. وولي قضاء العساكر بدمشق، ووكالة بيت المال مرات، ودرس بالعصرونية. ثم ولي كتابة السر عوضاً عن القاضي ناصر الدين بن شرف الدين يعقوب الحلبي، ومشيخة الشيوخ، وتدريس الناصرية، والشامية الجوانية. ثم عزل في العام الماضي وأوذي وأدى في المصادرة جملة. وتوفي في ربيع الآخر.
ومات الشيخ الصالح الزاهد العابد الناسك فتح الدين يحيى بن الإمام زين الدين عبد الله بن مروان الفارقي الأصل، الدمشقي الشافعي، خازن الأثر الشريف، وإمام الدار الأشرفية. ولد سنة اثنتين وسبعين. وسمع الشيخ شمس الدين ابن أبي عمر، وكان آخر أصحابه. وسمع الفخر، وابن شيبان، وخلقاً. وحدث باليسير من مسموعاته تورعاً. وكان ذا زهد وورع ثخين، ويقنع باليسير. لم يقيض لي السماع منه. توفي في سادس عشرين ربيع الآخر.
ومات بالقاهرة خليفة الوقت الإمام أمير المؤمنين المعتضد بالله أبو الفتح أبو بكر المستكفي ابن الحاكم العباسي. وكانت خلافته نحواً من عشر سنين. توفي في جمادى الأولى. وبويع لابنه المتوكل على الله حمزة بعهدٍ من أبيه.
ومات بدمشق الزاهد عبد النور بن علي المغربي المكناسي المالكي المقري الصوفي. حدث ببعض الصحيح عن ست الوزراء، وخطب بالشامية أياماً، وكان عبداً صالحاً زاهداً متعبداً. توفي في جمادى الأولى.
وفي تاسع جمادى الأولى ولي قاضي القضاة جمال الدين أبو المحاسن يوسف ابن شيخنا قاضي القضاة شرف الدين أحمد بن الحسين الكفري قضاء الحنفية عوضاً عن والده، واستناب القاضي بدر الدين الجواشني، والقاضي شمس الدين بن منصور.
وفي رجب أفرج عن الأمراء المعتقلين بالإسكندرية فأخرج الأمير سيف الدين بيدمر إلى صفد، وسيف الدين أسندمر إلى طرابلس، ومنجك إلى أرض الحجاز، وجبريل إلى حماة، وكذلك أفرج عن الأمراء المعتقلين بقلعة دمشق.
وفيه مات بالصالحية القاضي الإمام العالم العلامة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مفلح المقدسي ثم الصالحي الحنبلي عن إحدى وخمسين سنة. أفتى، ودرس، وناظر، وصنف، وأفاد، وناب في الحكم عن حموه قاضي القضاة جمال الدين المرداوي، فشكرت سيرته وأحكامه. وكان ذا حظٍ من زهد، وتعفف، وصيانة، وورع ثخين، ودين متين. حدث عن عيسى المطعم وغيره.
وفي يوم الاثنين خامس شعبان عزل عن نيابة دمشق المقر العالي أمير علي المارديني، وعزل عن قضائها سيدنا قاضي القضاة شيخ الإسلام تاج الدين السبكي كلاهما في مجلس واحد.
وولي نيابة الشام الأمير سيف الدين قشتمر نائب السلطنة بمصر، كان، فدخل دمشق يوم السبت مستهل رمضان، وأحضر سيدنا الشيخ الإمام العلامة بهاء الدين السبكي وألزم بقضاء الشام عوضاً عن أخيه، وطلب سيدنا قاضي القضاة شيخ الإسلام تاج الدين السبكي أيده الله تعالى إلى الأبواب الشريفة على البريد على وظائف أخيه الشيخ بهاء الدين، وهي تدريس الشافعي والخطابة والميعاد بالجامع الطولوني، وتدريس الشيخونية، وفتيا دار العدل، مضافاً إلى ما بيده بدمشق من التداريس التي لا تتعلق بالقضاء وهي، تدريس الشامية البرانية، والعذراوية، والأمينية، ومشيخة دار الحديث الأشرفية، فأقام بمصر على هذا الحكم، واستناب بمدارسه التي في دمشق بإذن السلطان له في ذلك. وقدم أخوه سيدنا الشيخ بهاء الدين المذكور إلى دمشق فدخلها آخر نهار الثلاثاء رابع شهر رمضان ونزل بالمدرسة الركنية، واستمر على القضاء وتدريس الغزالية، والعادلية، ونظر الأوقاف.
وفي رمضان توفي الشيخ الإمام العلامة شهاب الدين أحمد بن القماح الشافعي شاباً لم يبلغ الأربعين. كان متضلعاً بالعلوم، من دينة الفقهاء.
وفي ذي القعدة تعرضت الفرنج المتحرمون إلى بعض السواحل، فقبض على كبارهم بدمشق، واعتقلوا، وختم على حواصلهم.
وفيه ثارت العربان بالأطراف وقطعوا السبل، فقدم الأمير صولة ابن ملك العرب جبار بن مهنا بالقود من جهة أبيه على العادة، فاعتقل بقلعة دمشق، فزاد الشر وكثر الفساد، وأخذت التجار والبريدية نهاراً، فجهزت إليهم العساكر الشامية فخرجوا في رابع ذي الحجة مع النائب الأمير سيف الدين قشتمر فتسحب بعدهم بليلتين صولة المذكور من برج الطارمة بمن معه من جماعته، فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم، فأرسل في أثرهم فلم يوقع له خبر، ورجع العسكر إلى دمشق ولم يكن بينهم وبين العرب قتال.
ولما بلغ الأمير سيف الدين يلبغا ذلك، تنمر على نائب القلعة الأمير زين الدين فعزله وأمر بضربه فضرب بدار السعادة، واستقر على نيابة القلعة الأمير سيف الدين بهادر العلائي، وسمر من كان مترسماً على صولة من القلعية وأشهروا على جمال.
ومات القاضي الإمام العالم الصدر الرئيس الكامل قاضي العساكر الحلبية ناصر الدين أبو عبد الله محمد بن الصاحب شرف الدين يعقوب الحلبي ثم الدمشقي الشافعي. ولد بحلب، وسمع ابن النصيبي وغيره، ودرس وولي كتابة السر بحلب، ثم نقل إلى دمشق، فولي كتابة السر بها، ومشيخة الشيوخ، ودرس بالناصرية والشامية الجوانية، ثم صرف عن ذلك بشيخنا القاضي أمين الدين بن القلانسي، وأعيد إلى حلب على كتابة السر بها، ثم عاد في العام الماضي إلى دمشق على جهاته، وكان ديناً، فاضلاً، عفيفاً، نزهاً، عديم الشر، تام العقل. توفي في ذي القعدة. وتولى بعده تدريس الناصرية سيدنا قاضي القضاة شيخ الإسلام بهاء الدين أبو حامد السبكي، وتدريس الشامية الجوانية قاضي القضاة بدر الدين السبكي.
ومات الأمير الكبير أتابك الجيوش الإسلامية سيف الدين طاز بن عبد الله الناصري أحد الشجعان والأبطال وأكبر أمراء الدولة في سنة خمسين وما بعدها، ولما حج بيغبغاروس، نائب مصر في أيام الناصر حسن سنة إحدى وخمسين، أردفوه بالأمير سيف الدين طاز، فساس الأمر وتلطف بالأمير يلبغا غاية اللطف، ولما وقعت الفتنة بمنى ذلك العام، قبض على الملك المجاهد صاحب اليمن، وعلى رميثة صاحب مكة، وعلى طفيل صاحب المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فقدم بالجميع إلى مصر من غير تكلف حتى وطئوا بساط السلطان.
ثم ولي نيابة حلب في سنة خمس وخمسين كما تقدم، ثم عزل واعتقل بالكرك، ثم أحضره السلطان إلى القاهرة فكحله واعتقله بالإسكندرية، ثم أخرج إلى القدس الشريف فأقام أياماً ثم حضر إلى دمشق فمات بها في العشرين من ذي الحجة وفيها نقض أهل ملطية وثاروا على نائبهم فخرج إلى حلب وجهز إليهم عسكراً.

.سنة أربع وستين وسبعمائة:

وفي صفر منها طلب سيدنا قاضي القضاة شيخ افسلام بهاء الدين السبكي إلى مصر على البريد، وأعيد إلى وظائف الشيخونية، والشافعي، والجامع الطولوني، وفتيا دار العدل. وسئل سيدنا قاضي القضاة شيخ الإسلام تاج الدين السبكي- فسح الله في مدته- في العود إلى قضاء الشام على عادته فلم يجب، حتى روجع في ذلك مرات فعاد بحمد الله تعالى إلى دمشق قاضياً على عادته، ودخلها بكرة يوم الثلاثاء رابع عشر ربيع الآخر فقرت برؤية وجهه العيون، وسر بقدومه الناس أجمعون.
وكان يوم دخوله إلى دمشق كالعيد لأهلها، وقد كان أيده الله تعالى في مدة إقامته بمصر على حال شهيرةٍ من التعظيم والتبجيل، يعتقده الخاص والعام، ويتبرك بمجالسته ذوو السيوف والأقلام، ويزدحم طلبة فنون العلم على أبوابه، وتمسح العامة وجوهها بأهداب أثوابه، ويقتدي المتنسكون بما يرونه من آدابه. فالله يمتع ببقائه أهل المصرين، ويجمع له ولمواليه خير الدارين بمحمد وأله.
وفي خامس عشر شعبان خلع السلطان الملك المنصور محمد بن الملك المظفر حاجي بن الناصر محمد بن قلاوون فكانت مدة سلطنته ثلاث سنين وثلاثة أشهر، وولي عوضه الملك الأشرف شعبان ابن الأمير حسين بن الناصر محمد بن قلاوون.
وفي شهر ربيع الأول توفي الأمير حسين ولد السلطان الملك الناصر محمد بن قلاون وهو آخر من بقي من أولاده الذكور ليصلبه.
وفي يوم الخميس سلخ شهر ربيع الآخر توفي بدمشق بالعادلية الكبرى القاضي قطب الدين محمد بن عبد المحسن بن حمدان السبكي الشافعي قاضي حمص. مولده سنة ست وثمانين وستمائة. وسمع الحديث في سنة أربع وسبعمائة. وبعدها سمع بالقاهرة من الشيخ علي بن محمد بن هارون التغلبي، وأبي إسحاق إبراهيم بن علي بن محمد الحبوبي وغيرهما. وسمع بمكة من الشيخ عز الدين عبد الرحمن بن إبراهيم بن الشيخ أبي عمر، وشهاب الدين أحمد بن الشجاع عبد الرحمن الصرخدي. وحدث فسمع منه سيدنا قاضي القضاة شيخ الإسلام تاج الدين السبكي وروى عنه وهو حيٌ. وسمع منه جماعة آخرون. وكان قد حضر إلى الشام في سنة سبع وأربعين وسبعمائة، فولاه الشيخ الإمام قضاء حمص، وتدريس النورية، والمجاهدية، والخطابة بها، فاستمر بها نائباً عن الشيخ الإمام، ثم عن ولده سيدنا قاضي القضاة شيخ الإسلام تاج الدين أيده الله، وهكذا إلى سنة اثنتين وستين وسبعمائة، فنقله سيدنا قاضي القضاة تاج الدين باختياره إلى قضاء بعلبك، وتدريس النورية بها، فأقام بها على ذلك نحو شهرين، ثم أعاده إلى حمص على عادته المتقدمة فأقام بها إلى صفر من هذه السنة، ثم خرج منها ودخل دمشق لتلقي سيدنا قاضي القضاة شيخ الإسلام تاج الدين السبكي فسح الله في مدته، فعرض له مرض وعزل نفسه عن القضاء، واستمر على تدريس النورية وحدها. وأقام مريضاً إلى أن توفي في التاريخ المذكور رحمه الله.
وكان رجلاً صالحاً، كثير التلاوة للقرآن، حسن الحفظ له، يختم في اليوم والليلة، وكان ينقل مذهب الشافعية جيداً، وكان معروفاً باستحضار الحاوي الكبير للماوردي، ولا يدري من العلوم شيئاً سوى الفقه. تفقه على الشيخ صدر الدين السبكي، ولازم حلقة الشيخ الإمام بعد العشر وسبعمائة.
وتوفي بدمشق شيخنا بدرالدين أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد ابن محمود بن أبي القاسم ابن الزقاق المغربي الأصل، الدمشقي المولد، والمنشأ، والدار والمعهد. الكاتب، الرئيس، المسند، المكثر، الشهير بابن الجوخي، وكانت وفاته في الحادي عشر من رمضان عن بضع وثمانين سنة.
ونعم الرجل كان.
وفي شوال صرف الأمير سيف الدين قشتمر الناصري عن نيابة الشام وأقر على نيابة صفد. وولي عوضه نيابة دمشق الأمير سيف الدين منكلي بغا الناصري، فتوجه من حلب إليها، ودخلها يوم الخميس السابع والعشرين من ذي القعدة.
وفيه صرف القاضي جمال الدين بن الأثير عن كتابة السر بدمشق وعن مشيخة الشيوخ بها، وتوجه القاضي فتح الدين محمد بن إبراهيم بن الشهيد إلى القاهرة وتولى الوظيفتين المذكورتين عوضاً عن المذكور. وعاد إلى دمشق وكان دخوله إليها في يوم الثلاثاء الثاني من ذي الحجة.
وفي هذا العام وقع الطاعون العام وكان ابتداء وقوعه بدمشق في شعبان.
وتوفي بالقاهرة القاضي شهاب الدين أحمد بن يس بن محمد الرباحي المالكي قاضي حلب.
وبالقدس شيخنا الزاهد القدوة المعمر أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن ابن سعد اله بن جماعة الكناني الحموي الشافعي، ابن أخي قاضي القضاة بدر الدين محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة. وكان ذا حظ من الخير جاور بالمساجد الثلاثة المشرفة مدة. وكانت وفاته في ذي الحجة بعد أم ثقل سمعه.
وبدمشق الشيخ الإمام شهاب الدين أحمد بن بلبان بن عبد الله البعلبكي الشافعي، المقرىء المجود، النحوي المتقن شيخ وظيفة الإقراء وبتربة أم الصالح، وبالأشرفية، ومدرس القليجية، والعادلية الصغرى.
وولي بعده التدريس بالعادلية الشيخ جمال الدين محمد بن الحسن الحارثي ابن قاضي الزبداني.
وولي تدريس القليجية الشيخ شهاب الدين أحمد بن الزهري. وولي أمّ الصالح شمس الدين محمد بن اللبان المقرىء، وولي التربة الأشرفية الشيخ أمين الدين عبد الوهاب بن السلار. وكان مولد المذكور ببعلبك في سنة ثمان وتسعين وستمائة. وانتقل إلى دمشق، فاشتغل بالعلم وتلا بالسبع على الشيخ شهاب الدين الحسين بن سليمان الكفري الحنفي، وأخذ عن الشيخ مجد الدين التونسي. وناب في الحكم لقاضي القضاة شهاب الدين بن المجد. وسمع من الشيخ شهاب الدين محمود بن سليمان الحلبي، وعلاء الدين علي بن إبراهيم بن داوود بن العطار وغيرهما. وباشر وظيفة إفتاء دار العدل بدمشق مدة، وخلفه فيها صهره شهاب الدين أحمد بن الزهري المتقدم ذكره، وكان موته في رمضان.
وشيخنا القاضي الأديب صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد الله الصفدي الألبكي الشافعي. كاتب السر بمدينة حلب، ثم وكيل بيت المال بدمشق. سمع من يونس الدبابيسي وجماعة. وروى بدمشق وحلب، وألف كتباً كثيرةً في عدة فنون. وكان من بقايا الرؤساء الأخيار. وولي الوكالة بعده الشيخ جمال الدين أحمد بن الرهاوي الشافعي، وكانت وفاته ليلة العاشر من شوال. ومولده تقريباً في سنة ست وتسعين وستمائة.
والأمير صلاح الدين خليل بن خاص ترك الناصري أحد أمراء الحلقة الشامية بدمشق، وكانت وفاته يوم الاثنين سلخ ذي الحجة. وكان راغباً في أهل العلم، محباً لكتبه، جامعاً لها.
والصاحب تقي الدين سليمان بن علي بن عبد الرحيم بن مراجل الدمشقي، الرئيس الأمين، ناظر الجامع الأموي. وكان مولده سنة ثلاث وثمانين وستمائة. وباشر كثيراً من الجهات الديوانية. وحدث عن أقش الشبلي وولي نظر الجامع بعده القاضي علاء الدين علي بن عثمان بن شمرنوح الشافعي. وكانت وفاته ظاهر دمشق.
وشيخنا الإمام العلامة الزاهد القدوة بهاء الدين أبو الأزر هارون، الشهير بعبد الوهاب بن عبد الرحمن بن عبد المولى الإخميمي المراغي المصري، ثم الدمشقي الشافعي. وكان بارعاً في المعقولات، تخرج بالشيخ علاء الدين القونوي، وروى لنا عن يونس بن إبراهيم الدبابيسي. وألف أشياء منها الكتاب المنقذ من الزلل في القول والعمل، وكان يؤم بمسجد درب الحجر، ودفن بزاوية ابن السراج، بالصاغة العتيقة داخل دمشق بالقرب من سكنه، رحمه الله.
وشيخنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن صالح بن العرضي الدمشقي التاجر المسند الخير. روى لنا عن ابن البخاري، وابن الزين، وابن المجاور، وزينب بنت مكي، وغيرهم. وحدث بجميع المسند للإمام أحمد بن حنبل. وكانت وفاته في شوال بالإسكندرية عن خمس وثمانين سنة.
والقاضي أمين الدين محمد، بن عبد العزيز بن عبد الرحيم بن علي السلمي المسلاتي المالكي المكنى أبا حيان. وكان في أول أمره شافعي المذهب ثم صار مالكياً. وناب في الحكم عن عمه سيدنا قاضي القضاة جمال الدين محمد بن عبد الرحيم المسلاتي. وسمع معنا بدمشق ومصر من جماعة كثيرين. وكان من القضاة المشكورين، كثير التواضع، حسن السيرة. وكانت وفاته بجديا من غوطة دمشق. وحمل منها ودفن خارج باب الصغير بدمشق رحمه الله. وذلك يوم الجمعة الثاني والعشرين من شوال. وباشر نيابة الحكم بعده القاضي أمين الدين محمد بن علي الأنفي المالكي.
والأمير ناصر الدين محمد بن صلاح الدين عبد الله بن عبد الوهاب بن فضل الله العمري.
أحد الجلة من أمراء دمشق. باشر شد الأوقاف بها مدة. وروى عن أبي بكر بن أحمد بن عبد الدايم وجماعة. وخرجت له مشيخة وقرأها عليه مخرجها فلم يقدر لي السماع منه. وكان مشكوراً، موصوفاً بالخير. وكانت وفاته بأدنة من أعمال أنطرسوس في ذي القعدة.
والخطيب الإمام العلامة القدوة جمال الدين محمود بن محمد بن إبراهيم ابن جملة المحجي الأصل الدمشقي الشافعي أحد الأعيان. تفقه بعمه قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن إبراهيم بن جملة. وروى عن جماعة. ومن شيوخه القاضي تقي الدين سليمان بن حمزة الحنبلي. وناب عنه في الحكم يوماً واحداً. ودرس بالظاهرية البرانية، وأعاد بعدة مدارس، وأفتى، وشغل، وألف كتباً كثيرة. وكان ملازماً لبيته، مشتغلاً بما يعنيه، محباً للفقراء، ديناً، صيناً.
وباشر خطابة الجامع الأموي بعد الشيخ تاج الدين عبد الرحيم بن القاضي جلال الدين القزويني. وكانت وفاته في العشرين من رمضان. وولي الخطابة بعده سيدنا قاضي القضاة شيخ الإسلام تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن السبكي أمتع الله به. وكان مولد الخطيب جمال الدين المذكور، في سنة سبع وسبعمائة. وكانت جنازته مشهودة.
والأصولي الإمام عماد الدين أبو عبد الله محمد بن الحسن الإسنائي الشافعي، أخو شيخنا العلامة جمال الدين عبد الرحيم الإسنائي. وكان ينوب في الحكم بالصالحية من القاهرة، وكانت وفاته في شهر رجب.
وصلاح الدين محمد بن شاكر بن أحمد الداراني الأصل، الدمشقي، الكتبي، الصوفي، الخازن، المؤرخ. روى عن الحجار وغيره. وجمع تواريخ وغيرها. وخلف جملةً كثيرة. وكان في أول أمره فقيراً مدقعاً. وكانت وفاته في رمضان، ودفن خارج باب الصغير ظاهر دمشق.
والصاحب جلال الدين أبو القاسم ابن الأجل الحلبي الأصل. وكان قد باشر عدة من الوظائف الديوانية. وكان عنده تواضع ومحبة لأهل الخير. توفي بالقاهرة.
والشيخ ناصر الدين محمد بن أحمد بن عبد العزيز الحنفي الشهير بابن الربوة، مدرس المقدمية بدمشق، وخطيب جامع يلبغا ظاهر دمشق. وكان فقيهاً، مفتياً، ذا مروءة. وولي خطابة الجامع المذكور بعد سيدنا قاضي القضاة جمال الدين يوسف ابن شيخنا قاضي القضاة شرف الدين أحمد الكفري الحنفي.
والصدر الرئيس علاء الدين علي بن أبي بكر بن محمد بن الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. أحد الموقعين بدمشق. وكان شاباً، ساكناً، متواضعاً.
والصدر شمس الدين عبد الرحمن بن عز الدين محمد بن أحمد بن المنجا التنوخي الحنبلي. روى لنا عن القاضي تقي الدين سليمان بن حمزة، وعيسى المطعم، وأبي بكر بن أحمد بن عبد الدايم، وغيرهم.
انتهى الكتاب.